وباء كورونا رعب المرض أم رعب الاحصائيات والارقام
د. قيس عبدالله نجيم
قسم التغذية
جامعة جيهان-أربيل
في هذه اللحظات تشير الاحصائيات الى ان وباء فيروس كورونا اصاب حول العالم ما يقارب من مليون و200 الف شخص وتوفي منهم بحسب نفس المصادر 65 الف شخص بينما تعافى من هذا الوباء ما يقارب 250 الف شخص.
لو تأملنا هذه الارقام أو حولناها الى مؤشر احصائي حقا انه مرعب ويهدد الانسانية في غضون اشهر قليلة , واذا اضفنا لها مؤشرات وبيانات الخسائر المادية والاقتصادية فيسكون كارثة حقيقية.
اذا لا يوجد خلاف ان على البشرية جمعاء مجابهة الوباء والحد من انتشاره بكافة الوسائل واليوم اصبح الحجر الصحي والمنزلي والابتعاد عن التجمعات هو العلاج الامثل والاوفر والذي توصي به كل المنظمات والحكومات والجمعيات والهيئات واغلب سكان الارض ملتزمون بذلك .
ولكن ومع الاسف الشديد تعالوا نرى جانب اخر يمثل الفجوة الحقيقية بين طبقات المجتمع وتباين شعوب الارض وتفكك قيم الإنسانية , سوف نستعرض فئات لا يمكن لها ان تطبق شعار الزم بيتك او ابقى في دارك او غيره والسبب ما يلي :
1- كيف نقول الزم بيتك للمشردين في الشوارع ومن يسمونهم في الدول المتقدمة (هووم لس) – يعني ليس لهم بيت والمجتمع يراهم كل يوم يعيشون في الشوارع .
2- كيف نقول الزم بيتك لمن هو نازح ولاجئ بسبب الحروب والقتال والفتن السياسية والطائفية والعرقية في كل انحاء العالم كانت المنظمات الدولية تعينه اليوم هي مشغولة عنهم في مجابهة وباء كورونا .
3- كيف نقول الزم بيتك لفئات عديدة من العمالة المستضعفة التي تعمل في دول العالم الغني وكانت تتشارك السكن بالساعات فقط للراحة وتتقاسم المناوبات بين من يكون في المأوى ومن يكون في ساعات الدوام والان يتكدسون في هذه الاماكن التي قد تسمى (بيت) .
4- كيف نقول الزم بيتك لطبقة عريضة جدا من الفقراء والمتعففين لديهم مأوى ولكن حياتهم تقتضي ان يسعوا يوميا لكي يلاقوا لقمة العيش يوما بيوم وساعه بساعه ليس لهم مدخرات ولا ما يكفل لهم البقاء على قيد الحياة اذا لم ينزلوا الى الشارع .
هذه فقط نماذج يصعب عليها البقاء في المنزل وبقاؤها بأعداد كثيرة نفسة يثملا خطرا على صحتهم وصحة المجتمع , ولكن ايضا لو تطرقنا لباقي متطلبات مكافحة الفيروس من نظافة وتعقيم وغذاء صحي فهذا شبه مستحيل بالنسبة لهم وكل الباحثين الاجتماعيين يعرفون مدى سوء الحياة التي تعيشها هذه الطبقات .
اذا يا سادة يا كرام هذه ملايين البشر حول العالم يقتلها الجوع والحرب والحوادث وشتى الامراض ومنها امراض معدية سواء كانت العدوى حقيقية بالجراثيم , او مجازية ايضا فالسرقة والجريم حتى هي امراض اجتماعية بسبب غياب العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات وانتشار الفوضى والرشوة والفساد في كثير من دول العالم المتقدمة والمتخلفة.
اذا اعدنا النظر في الأرقام والإحصائيات سوف نجد ان فيروس كورونا برغم الرعب والمأساة التي سببها ويستمر يسببها للبشر ليس الا واحدا من المخاطر التي تهدد العالم وليس يتفوق على اي منها , فكلها تتشارك في الوفيات والاصابات والخسائر الاقتصادية فقط الخلاف حول الأرقام والنسب وما يسلط الاعلام عليه الضوء وما يغفله ويطويه .
ولذلك اختم هذه الخاطرة بأن البشرية كلها اليوم في ظل التواصل القوي هي مجتمع واحد لا يتجزأ واذا لم تعمل سياسات وبرامج واجراءات موحده ومنسقة لحل ومكافحة والحد من اي مرض او ظاهرة او مشكلة اجتماعية او سياسية او اقتصادية فان النتائج والدمار والخراب سوف يؤثر على الجميع سواء طال الزمن او قصر , لا بد من نبذ سياسة الانانية والنظرة الدونية للآخرين .
نتمنى ونحن المسلمون نستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك الذي عادة ما يكون فيه روابط الرحمة والتعاون والتكافل في ابهى صورها ان ندعو الله سبحانه وتعالى جميعا , ان يكشف هذه الغمه ويزيل عنا وجميع البشر كل سوء ومكروه انه على كل شيء قدير .