تأثير فايروس كورونا ومفهوم نظرية الظروف الطارئة على الإلتزامات التعاقدية في ظل القانون المدني العراقي
م.م عمر زبير ظاهر
قسم القانون
جامعة جيهان- اربيل
في الآونة الأخيرة زاد انتشار فيروس ((COVID-19)) أو فيروس التاجي مايسمى بالكورونا من وباء محلي إلى أزمة عالمية، بالإضافة إلى الخسائر المالية والضحايا البشرية المأسآوية الذي نراها يوما بعد يوم بحيث تزداد عدد المصابين لسرعة إنتشاره في العالم. إن هذا الوباء العالمي ترك آثاراً عديدة على كافة المجالات الحياة منها إقتصادية والتجارية والإدارية والتعليمية الخ... بحيث أدت في كثير من الدول الى وقف العمل تماما وإتخاذ التدابير الوقائية لمكافحته والتخلص منه. ما يهمنا في هذا المقال هو بيان مفهوم نظرية الظروف الطارئة في ظل القانون المدني العراقي رقم(40) لسنة1951 وتأثير هذا الفيروس على الالتزامات التعاقدية في عديد من القضايا القانونية منها القضايا العقارية، كعقود الإيجار وعقود البناء وغيرها، وقضايا قانون العمل وحقوق العمال، وكذلك القضايا المتعلقة بقانون التجارة والجمارك، وقضايا تغطية التأمين، وقضايا الملكية الفكرية، بما في ذلك العلامات التجارية، وحقوق التأليف والنشر وبراءات الاختراع والأسرار التجارية، وكذلك قضايا حل المنازعات، منها التقاضي أمام المحاكم بأنواعها والتحكيم والوساطة.
وتظهر مفهوم نظرية الظروف الطارئة في عديد من التشريعات المحلية والدولية ويعتمد معناها الدقيق على السياق التشريعي. وتناول القانون المدني العراقي هذه النظرية في المادة (146) المقتبسة في الشريعة الإسلامية تحت عنوان (الفسخ للعذر) حيث نصت المادة المذكورة على ((إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تنقص التزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك. ويقع باطلا كل إتفاق على خلاف ذلك(). من خلال النص المذكور نفهم أن العقود المستمرة التنفيذ أو كان تنفيذها مؤجل وطرأت أثناء تنفيذها ظروف استثنائية عامة غير متوقعة كقيام حالة الحرب أو حدوث زلزال أو انتشار وباء كما نراه اليوم أدت الى اختلال التوازن في الالتزامات التعاقدية جاز للقاضي التدخل بتعديل الالتزامات الى الحد الذي يرفع الارهاق عن المدين، وتتطبق هذه النظرية في الواقع العملي في مجال تنفيذ الالتزام إذا كان محل الالتزام قيام بعمل، أو الامتناع عن عمل، أو الالتزام بإعطاء أو تسليم شيء أو نقل حق عيني. ومما لاشك إذا تحقق هذه الحالة تترتب عليها مجموعة من الاثار القانونية منها تعليق الالتزامات التعاقدية، عدم المسؤولية، تمديد وقت الالتزام بالوفاء، إعادة التفاوض على المصطلحات في العقد، الالتزام بتخفيف الخسائر، وكذلك إنهاء العقد. وإذا كانت هناك استحالة في تنفيذ الالتزام، فقد يتم إلغاء الاتفاقية وبإمكان المتضرر أن يلجأ الى تنفيذ بالمقابل أو يطالب بالتعويض، أما إذا كان تنفيذه مستحيلا في المستقبل، فقد يتم إنقضاء الإلتزام دون إثارة المسؤولية القانونية تجاه أي من الأطراف، وإذا كانت هناك استحالة نسبية، فقد يتم تقليل نطاق الاتفاقية وفقًا لذلك. ولكن بموجب القانون المدني العراقي للاستفادة من هذه الآثار، الطرف الذي يتطلع إلى العذر يجب أن يكون مستعدًا وراغبًا في تنفيذ التزامه في العقد، إذا لم يكن هناك هذا الظرف الطارئ، وكما يجب أن يكون وقوع هذا الحدث غير متوقع، فلو نظرنا الى هذا الفيروس بإمكان القول إن وقوع هذه الحالة لم يكن أمرا متوقعا بهذا الحجم من المخاطر وتأثيراتها فلذلك، إن الاضطرابات الناتجة عن هذا الفيروس أحدث ظرفا طارئا في البلد وترك آثاراً كبيراً على الالتزامات التعاقدية.