اقليم كوردستان خصوصا والعراق عموما ،
الزراعه هي الحل
الدكتور علي شوكت احمد
قسم المحاسبة
جامعة جيهان - اربيل
ترافقت ازمة وباء كورونا المستجد مع الازمة الاقتصادية الخاصة باغراق اسواق النفط بالانتاج بسبب عدم الاتفاق بين المنتجين الكبار والذي ادى الى تدهور كبير في اسعار النفط العالمية ، ثم انخفاض عوائد البلدان المصدرة للنفط ومنها العراق . و يواجه الاقتصاد العالمي صدمة غي مسبوقة في عرض النفط . ومع أن البيانات لا تزال غير كافية لتقييم التأثير الكلي لتدابير الحجر الصحي بسبب وباء كورونا على الطاقة الإنتاجية للشركات المنتجة فان التحذيرات الواردة من المؤسسات العالمية الكبرى تحذر من خطورة الوضع الحالي.
العراق الذي ابرم عقدا مع الصين استند الى مبدا النفط مقابل البناء ، الان سيكون من الصعوبة المباشرة بتنفيذ بنوده خاصة وأن المصانع الصينية والمؤسسات الانتاجية متوقفة حاليا وبعد ان ارتفعت حصة القيمة المضافة الصينية في الطلب النهائي العالمي على السلع المصنعة بدرجة كبيره، مع اعتماد مختلف قطاعات الانتاج العالمي على الشركات الصينية. ان احتمال ترافق صدمة العرض ضعف شديد في الطلب على النفط ، أي انخفاض في الاستهلاك أو القوة الشرائية، مع استمرار انتشار الفيروس وتحوله إلى وباء .
نحن اذن في العراق وفي اقليم كوردستان امام ازمة اقتصادية مركبة خلقتها الظروف غير المواتية ، فنحن ما زلنا امام مخاطر الانتشار السريع للفايروس مما يستلزم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهته وهي تحتاج الى موارد اقتصادية ومالية كبيرة ، وكذلك مع ازمة تمثلت بهبوطا اسعار النفط الى حدود تشكل خطورة كبيرة على اقتصاده كون العراق دولة ريعية ذات المنتوج الوحيد تقريبا .
ويحذر الخبراء والمعنيون بهذا الشأن في العراق من ان عائدات العراق النفطية قد تنخفض الى اقل من النصف في موازنة العام 2020 ، مشيرين ا الى ان الحل الاساسي الذي يجب اعتماده في المستقبل هو اتباع سياسة تنويع الانتاج . ان العراق وبضمنه اقليم كوردستان ليس دولة صناعية ، ولكنه منذ نشوء اولى الحضارات فيه هو بلد زراعي يعتمد ابناؤه العمل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني . ولغاية الاربعينات من القرن الماضي فان يتقدم الانتاج الزراعي على جميع المنتجات الاخرى بما فيها النفط ، فهل يمكن ان تحل الزراعه في اقتصاده في المركز الاول من جديد ؟ الجواب نعم ، وذلك لانه رغم الاهمال الكبير الذي واجهه القطاع الزراعي العراقي على مدى العقود الماضية ، الا ان الاراضي الزراعية ما زالت جاهزه للاستثمار في المشاريع الزراعية الكبيره اذا ما جرى التركيز على صيانة مشاريع الري والسدود وتوفير الحصص المائية واعادة تشغيل مشاريع الاستصلاح . ولعل اقليم كوردستان هو الاقل تضررا فهو يقع في المناطق المضمونة وشبه المضمونة الامطار ، وبالتالي فهو لا يحتاج سوى تنفيذ وصيانة السدود التي يتمكن من خلالها توفير مياه الري الى كل الرقعه الزراعية . اضافة الى الفوائد الاخرى التي توفرها السدود والخزانات المائية التي تخزن مياه الامطار التي يستلزم استثمارها بشكل مستمر.
ان اقليم كوردستان تحديدا يمكن ان ينفذ المشاريع الزراعية الكبيره لتوفر المستلزمات والخبرات والايدي العاملة ذات التخصصات العلمية المتنوعة . كما ان المزارعون في الاقليم مازال معظمهم يمارس الزراعة العضوية التي لاتحتاج الى اسمدة كيمياوية . ان انتاج الحبوب حاليا يغطي الطلب المحلي واذا ما تم ادارته بشكل جيد فانه سيوفر ايرادات كبيره للاقليم .
ان كل ذلك يمكن ان يتحقق بالتخطيط السليم والمدرك لاهمية اعادة هيكلة الاقتصاد بما يضمن تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للايرادات . واذا ما توفرت الموارد النفطية المالية فمن الاجدر ان يجري استثمار جزء منها في مجال التصنيع الزراعي الذي يوفر هو الاخر ايرادات مالية سواء من خلال الصادرات للخارج او من خلال انهاء ظاهرة الاستيراد للسلع الزراعية التي نراها حاليا في اسواقنا والتي لاتضاهي في جميع الاحوال جودة المنتوج المحلي ، وهي ايضا ظاهرة تؤدي الى انهاك الاقتصاد وتسرب العملة الصعبة .