التداعيات الاقتصاديّة والمواجهة الدوليّة التشاركيّة لجائحة كورونا
لارا عباس محمد
المرحلة الرابعة / الدراسة الصباحية
قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية
جامعة جيهان-اربيل
يجب النظر إلى موضوع التداعيّات الاقتصاديّة لجائحة كورونا من خلال ما يأتي:
أوّلاً: سيناريوهات التأثير المحتمل على الاقتصاد العالمي في سياق ما يُعرف وما لا يُعرف عن فيروس كورونا.
ثانياً: التركيز على إطار للتفكير في كيفيّة فهم الصدمات، وكيف يُمكن للدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وإدارة تلك المؤسّستين والمنظّمات الأخرى تقديم المسانّدة على نحو فاعل ومُنسّق لأولئك الذين تأثّروا بهذه الأزمة.
ثالثاً: أنْ تتعلّم الدول التي توجد في خطّ الدفاع الأوّل كيفيّة التصدّي لهذه الجائحة.
كما يُعرف أنّ المرض آخذ في الانتشار بسرعة، وأكثر من ثلث الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تأثّروا به بشكل مباشر، ولمْ تعدّ هذه قضيّة إقليميّة، بل باتت مشكلة عالميّة تتطلب استجابة دوليّة، والوباء سينحسر في نهايّة المطاف، لكن لا يعرف مدى سرعة حدوث ذلك، ولا يُعرف بعد كيف تكون استجابة الفيروس حينما يصبح العلاج واللقاح متاحين على نطاق واسع.
إنّ الصدمة غير معتادة إلى حدّ ما، فهي تُؤثِّر على عناصر مهمّة على جانبي العرض والطلب في الاقتصاد، فقد اختلّ جانب العرض بسبب المرض والوفيّات، وكذلك بسبب جهود الاحتواء التي تقيّد الحركة والانتقال، وارتفاع تكلفة ممارسة الأعمال بسبب تقييد عمليّات التوريد، وتضييق الائتمان.
إنّ تقاعس الطلب وتراجعه عائدٌ أيضاً إلى تصاعد زيادة حالة اللايقين ، والتشدّد في أنظمة الحذر والوقاية والتحوّط، وسياسات احتواء الوباء، إلى جانب ارتفاع تكاليف التمويل الذي يعمل على تقليص قدرة المؤسّسات الماليّة ومنشآت الأعمال على الإنفاق.
وما يُعرف من خلال ما رؤي من أزمات مماثلة أنّ ثلث الخسائر الاقتصاديّة من جراء تفشّي هذه الجائحة ستكون عبارة عن تكاليف مباشرة بسبب الخسائر في الأرواح، وإغلاق أماكن العمل، والحجر الصحي، أمّا الثلثين الآخرين فستكون بشكل تكاليف غير مباشرة تعود إلى تقليص النشاط الاستهلاكي في بعض جوانبه، فضلاً عن تراجع طلب منشآت الأعمال، وتراجع، بلْ وانعدام الائتمان في أسواق المال بسبب تأثير حالة اللايقين .
ويًعرف أيضاً أنّ هنالك نظاماً ماليّاً سليماً أكثر مرونةَ وقدرةً على الصمود بكثير مّما كان عليه قبل الأزمة الماليّة العالميّة عام (2008)، غير أنّ سيادة حالة من اللايقين يُحدِّد التوقعات التي تجعل الاعتقاد السائد بأنّ النمو العالمي للعام (2020) سينخفض عن مستويات العام الماضي، ولكن من الصعب التنبّؤ بمقدار هذا الانخفاض وطول مدّة التأثير.
ستتوقَّف تلك الجائحة استناداً إلى حُسْن توقيت الإجراءات وفاعليّتها الى العوامل التالية :
1. الاستجابة الماليّة العامّة هي ضمان الإنفاق المتصّل بالإجراءات الصحيّة في خط الدفاع الأوّل لحماية رفاهية الناس، والرعايّة الصحيّة للمرضى، ومن ثمّ كبح انتشار الفيروس، ولا بدّ من أنْ تمضي السلطات قدماً في تمويل الإنفاق الصحّي المُرتبط بتفشّي الوباء، والحرص على أنْ يكون في مستوى حجم المعروض الضروري من المعدّات الواقية والعلاج والخدمات الصحيّة.
وهذا أمر يؤشّر تحديّات بالغة المخاطر للدول التي تعاني من ضعف في أنظمتها الصحيّة، والقدرة على الاستجابة لما يواجهها من مخاطر، وهو ما يتطلّب آليّة تنسيق دوليّة لتسريع جهود التقريب بين جانبي الطلب والعرض لما هو ضروري من سلع وخدمات أساسيّة حتّى يستطيع النظام الصحّي الاستجابة، وهذا يجب أنْ يكون من المهام الأولى لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي كآليّة عالميّة للتنسيق.
2. إيجاد إجراءات على صعيد السياسات الماليّة والاقتصاد الكلّي لمعالجة صدمات جانبي الطلب والعرض الذي سبق ذكره ، وأنْ يكون الهدف منّها التشديد على اتخاذ إجراءات السلامة، التي من شأنها أنْ تؤدّي إلى الحدّ من الآثار الاقتصاديّة والتخفيف من حدّتها، والتي يجب أنْ تتسم بُحسن التوقيت، وتكون موجَّهةً إلى القطاعات ومنشآت الأعمال والأسر الأكثر تضرراً.
3. توفير سيولة كافية لإبطال أثر المخاطر على الاستقرار المالي، والتشديد على البنوك المركزيّة اعتماد خُطط طوارئ في أوضاع ربّما يعمل موظفوها خلالها من بعيداً عن مكاتب الإدارة، وعلى بعض الاختلالات.
وباختصار : ان الانتشار السريع للفايروس يتطلّب درجة عاليّة من التنسيق، وعلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تقديم المساعدة ليكون قوّة دعم ومساندة للمُعرّضين للخطر، ولمن يعانون ضعف نظمهم الصحيّة، وعدم كفاية الحيّز المتاح لهم للتحرّك على صعيد السياسات، علاوةً عن مُصدّري السلع الأوليّة المعرّضين لصدمات معدّلات التبادل التجاري، ولآخرين معرّضين لتأثيرات غير مباشرة.