يوميات موظف ريعي...... خاطرة في زمن جائحة كورونا

د.مجيب حسن محمد
قسم العلوم المالية والمصرفية
جامعة جيهان – اربيل

الريعية باعتبارها حالة اعتماد مطلق على مورد طبيعي واحد، لا تنعكس اثارها السلبية على الجانب الاقتصادي القائم على عدم التنويع في مصادر تكوين الدخل وإنما لها انعكاس سلوكي ربما هو اخطر من جانبها الاقتصادي، وفي هذه الخاطرة سوف نتابع معا جانبا من هذا السلوك.

- ينهض الموظف الريعي من منامه الساعة التاسعة صباحا، ثم يذهب ليجلب الخبز الحار لإفطاره وبقية افراد أسرته ولان الله اوصى بالوالدين خيراً فلابد ان يتفقد الحاج والحاجة قبل ذهابه للعمل.

- ينصرف لعمله بعد الساعة العاشرة صباحا ليصل مكتبه على تمام الساعة الحادية عشر وبعد ان يلتقط مفتاح غرفته في الدائرة من تحت السجادة الارضية يفتح مكتبة باسم الله وعلى بركته، ولان الرسول اوصانا بسابع جار، فلابد ان يقوم بواجب الزيارة والسلام على زملائه من العاملين الذي ربما وصلوا قبله او بعده بدقائق، وبعد نصف ساعة من الزيارة التفقدية يعود الى مكتبة فينادي بجلب شاي اخضر يعيد له ذاكرته ونشاطه، يقلب معاملات عباد الله المنتظرين على احر من الجم، وفي كل مرة يسرق نظرة الى ساعته، وعند منتصف النهار، ينهض قائلا ( لقد وجدنا في يومنا هذا نصبا)، يغلق الملفات ويدعو عباد الله المنتظرين للمجئ غدا. وكعادته يقفل باب غرفته ويخفي المفتاح في مكانه المعتاد.

- يخرج عند تمام الساعة 12، ليجلب روشيتة العائلة المطلوبة منه ،وفي اثناء سيره ولأن عيونه زائغة يمينا ويسار يسقط فجأة احد اطارات سيارته في حفرة مفتوحة لمجاري تصريف المياه، فيبدأ بالسب والشتم على البلدية وموظفيها وعلى دائرة المجاري وموظفيها متناسيا انهم موظفين ريعين مثله.

- في اجتماع الاسرة على الطعام بركه ولأنه حريص على ان يتناول اطفاله الغذاء الساخن معه يذهب لانتظارهم امام باب المدرسة بدلا من تركهم للعنة الميكروباص الطويلة، يركن سيارته كيفما شاء وكأن الشارع ملك ابيه وحده، يخرج الاطفال على تمام الساعة الواحدة وعشر دقائق يركب اطفاله معه في السيارة ويقول له احد ابنائه اليوم استاذة اللغة الانجليزية اعطتنا درسا جديد، دعني اقرأ عليك الجمله كما قرأتها الاستاذه..

Muslims went to pray in Mosque

المسلمون يذهبون للصلاة في موسكو.

وهكذا مر هذا التخريف في المعرفة على مدير المدرسة الريعي ، ومفتش اللغة الانجليزية الريعي دون ان يحرك فيهم ساكناً.

- بعد العصر ولان سعر البنزين ارخص من الماء بكثير فلابد للموظف الريعي ان يفسح نفسه قليلا فيدور بسيارته وربما يجرب بعض قدراته فيقوم ( بالتفحيط او التشليش) في الشارع العام ويعمل على خلق الفوضى في الطريق خصوصا وقد تصادف ذلك مع مرور سيارة اسعاف تحمل جريحا بسبب حادث مروري لان سائق تلك السيارة ايضا لم يلتزم بالإشارة الضوئية.

- في المساء لابد من اجتماع الشلة الروتيني يوميا، ولان الكلام ذو شجون يبدأ الحديث (بالكصكصة) ، فلان طويل فلانه قصيرة وهكذا، ثم يتم تناول كل ما يتعلق بالسياسة والاقتصاد من اراء وتحليلات يعجز عنها المخضرمون في مراكز الدراسات والتحليلات يعجز عنها المخضرمون في مراكز الدراسات المستقبلية ، واخيراً يتناولون، شخصية ترامب الذي يكره العرب والمسلمين، وان اسرائيل اللقيطة هي سبب فرقة العرب وهي سبب تخلفهم، وعند منتصف الليل حيث الاحلام تتمنى الشلة من الدولة الريعية باعتبارها الاب الكريم والأم الحنونة بزيادة مرتباتهم كي يستطيعوا قضاء عطلتهم السنوية في جزيرة (هونوللو)....

عاشت الدولة الريعية ، عاش المواطن الريعي ، عاش الموظف الريعي.

والى الامام في اعادة انتاج التخلف