هل سيوجه الذهب ضربة قاضية لكورونا؟
د. محمد عبدالملك الساعدي
قسم هندسة الاتصالات والحاسبات
جامعة جيهان أربيل
منذ آلاف السنين يستخرج الذهب من باطن الأرض ليستخدم في صياغة الحلي والمجوهرات وصك النقود، بيد أنه في الوقت الحالي أستخدم الذهب في مجالات علمية كثيرة لا تقل أهميةً من المجالات السابقة وأهمها الطب والتكنولوجيا.
فالذهب هو عنصر خامل لا يتفاعل مع الجزيئات الأخرى كالأوكسجين وغيره، وبهذه الطريقة يحافظ على لمعانه ومظهره كما جعلت منه هذه الخاصية ناقلاً جيداً للجزيئات. وبعد دخول تقنية النانو حيز التطبيق كشفت الدراسات الحديثة التي أجراها علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن جسيمات الذهب النانوية (Au NPs) تصبح أكثر إثارةً، حيث يكون من السهل التحكم في خصائص سطحها وتغييرها حسب الإستخدام. حيث يتم إستخدام ذرات الكبريت لربط جزيئات العلاج بجسيم الذهب لنقلها الى الخلايا المستهدفة في الجسم.
تحتوي (Au NPs) على عدد كبير من الإلكترونات الحرة وهذه الإلكترونات تتذبذب بتردد واحد إذا ما تعرضت لضوء بطول موجي مناسب مستفيدة من خاصية تفاعل المادة والضوء والتي تسمى (تفاعل رنين بلازمون السطح) والتي قد تمكن تلك الجسيمات من إستهداف الخلايا المريضة وقتلها بشكل إنتقائي عن طريق الحرارة الناتجة من تذبذب الإلكترونات. كما وتثبت على الجسيم النانوي مجسات مضادة تستهدف الخلايا المصابة دون السليمة وتلتصق بها من عدة جهات وبعد أن تتم عملية الإلتصاق يتم إخضاع جسم المصاب الى أشعة تحت الحمراء وهذه الأشعة تساعد على تذبذب الإلكترونات منتجةً حرارة مناسبة تكون كافية لقتل الخلايا المصابة.
من زاوية أخرى، أظهرت الأبحاث أن (Au NPs) متناهية الصغر تعمل بشكل انتقائي على البروتين (S) وهو العنصر الأساسي لشوكات فيروس كورونا فتبطل فاعليته. فعندما تتعرض (Au NPs) للسوائل البيولوجية، يتم امتصاص البروتينات والجزيئات الحيوية الأخرى بسهولة من قبل السطح لتشكيل بروتين (كورونا) حول (Au NPs)، مما يقلل من الطاقة السطحية للجسيمات. قد يتسبب تكوين هذه الهالة في تغيير بنية البروتينات وقد يزيل أيضاً وظائفها الفسيولوجية، مما يؤدي إلى فقدان قدراتها الاستهدافية الأصلية، وبالتالي يؤدي الى موتها. وقد نجحت هذه الآلية عند اختبارها على فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرقة الأوسط التنفسية، ونجاحها هذا يفتح باباً واسعاً وواعداً في مواجهة مستجدات هذه السلالة الفيروسية، ومنها COVID-19.