فيروس كورونا! مجرد شائعات

م.م شوبو سعد عزيز
قسم القانون
جامعة جيهان-أربيل

تجاهل الحكومة الصينية لتحذيرات الطبيب لي وينليانغ و تهديده ليصمت و انكار وجود الفايروس تسبب في انتشار فايروس كورونا و اعلان منظمة الصحة العالمية تحولها الى جائحة خلال فترة اقل من ثلاثة اشهر, ففي بداية انتشاره في الصين, انتشرت مقاطع فيديو لعاملين في المستشفيات او عوائل المصابين بالفايروس محاولين كشف الحقائق للعالم عن مدى خطور الفايروس و اعداد الوفيات التي تخفيها الحكومة الصينية و كيفية تخلصها من المصابين الميؤس من حالاتهم عن طريق حرقهم احياء ففي احد مقاطع الفيديو اوضح احد العاملين في المحارق بأنه قبل بوظيفة عامل في المحرق بعد ان راى اعلانا للعمل براتب جيد و كانت الموصفات المطلوبة للعاملين (ان لا يخافوا الاشباح), اتضح فيما بعد ان الاصوات التي كانوا يسمعونها هي اصوات احياء يتم حرقهم, في هذه الاثناء تم اعلان حالات اصابة في الدول المجاورة و بدأ الفيروس بالانتشار بشكل واسع و سريع بسبب المسافرين و وسائل المواصلات, حالة مشابه لما حدث عام 1911 عندما انتشر الطاعون في الصين و كان السبب الرئيسي لانتشاره الواسع هو خطوط سكك الحديد و اصابة العاملين فيها بالمرض و بالتالي انتقالها الى المسافرين و الاجانب المتواجدين هناك.

رغم ذلك تجاهلت اغلب دول العالم و شعوبها تلك التحذيرات, و اعتبروها مجرد شائعات و تهويل للاوضاع و لم يأخذوا مسألة الاحتياط بعين الاعتبار, و استمر الحال الى ما بعد انتشار الفيروس على نطاقا واسع بين مواطني تلك الدول, غالبا كان السبب وراء هذا التجاهل هو حرص حكومات تلك الدول على اقتصادها اكثر من سلامة مواطنيها او على الاقل محاولة تقليل الخسائر الاقتصادية التي ستلحق بها بعد تفشي الفيروس, ابتداءا من ايطاليا التي تأخر الاتحاد الاوربي عن اسعافها, و توجب على الاطباء الاختيار بين المرضى من يمكن اسعافه او تركه خارجا ليحل آخر محله, تبعتها اسبانيا و تخطتها في المأساة, اما في بريطانيا فقد اعرب رئيس الورزاء البريطاني بوريس جونسون في تصريحا له عن مبادرات بلاده لمواجهة الفايروس عن عدم خطورة الفايروس الى هذه الحد و في حالة اصابة المواطن البريطاني فسيشفى و تتكون لديه المناعة ضد الفايروس في نهاية المطاف, يبدو ان حتى الدول التي صدقت بوجود الفايروس الا انها اعتبرت مخاطر كورنا مجرد شائعات, الى ان تم ادخاله المستشفى لتدهور حالته الصحية بسبب اصابته بفايروس كورونا بعد ذلك, نتيجة لعدم اخذ المخاطر و الخسائر التي يسببها فايروس كورنا بجديه و اعتبارها شائعات, وصولا الى الولايات المتحدة الامريكية, فلم يتخذ الرئيس الامريكي دونالد ترامب اية اجراءات من شأنها الحفاظ على سلامة المواطنين و استمر الناس يعيشون حياتهم اليومية المعتادة و ضل يطمأن الامريكين بعدم وجود خطورة على حياتهم و "انه سيحميهم", الى ان تم الاعلان عن اصابات وصلت الى الاف يوميا تلتها اعداد الوفيات, و انباء عن عدم قدرة المستشفيات على استيعاب اعداد المرضى و اسعافهم بسبب قلة المستلزمات الطبية و اجهزة التنفس الصناعي, , لكن كما سبق الذكر كان هذا حال اغلب حكومات و شعوب العالم و ليس جميعها, فعلى عكسهم سارعت عدة حكومات بإصدار جملة تعليمات هدفها حماية النظام العام المتمثل بالامن العام و الصحة العامة و السكينة العامة, نأخذ اقليم كردستان على سبيل المثال, حيث اصدرت حكومة الاقليم تعليماتها الاولية بشأن الوقاية قبل ظهور حالات اصابة بأسبوعين على الاقل, تم تشديد هذه التعليمات و اتخاذ اجراءات اكثر صرامة بعد أعلان حالات الاصابة.

لاحقا اضطرت الحكومة الى فرض عقوبات على مخالفي هذه التعليمات عند ملاحظة عدم اخذها بجدية من قبل بعض المواطنين و مخالفتهم لها, انقسم مخالفوا تعليمات الوقاية الى قسمين منهم من خالفها لصعوبة العيش في ضل هذه الضروف و خاصة ان حياة العائلات في الاقليم اجتماعية و مترابطة جدا او تسلل الملل الى حياتهم من كثرة البقاء في المنزل, اما القسم الثاني من المخالفين فكانوا ممن اعتبروا انتشار الفايروس " اشاعة", حتى ان البعض خالفها او حاول مخالفتها عمدا, حدث ذلك بالرغم من نشر التوعية الصحية و الاجتماعية عبر كافة وسائل الاعلام المتوفرة.

كأن الاغلبية منا نسي قول الرسول الله (ص) (الوقاية خير من العلاج), بالرغم من اننا مجتمع يغلب عليه الدين الاسلامي, اصبحنا نردد دون ان نتفكر و نطبق, فمن لايزال يعتبر انتشار المرض مجرد شائعة لابد انه لا يرى معاناة الدول االتي لم تتخذ تدابير وقائية, كما يفسر الاجراءات المتخذة من قبل الحكومة من قبيل الظلم و الزجر للشعب و تجاوزا على الحقوق و الحريات العامة و تجاوزا للصلاحيات الممنوحة من قبل الجهات المصدرة للتعليمات, و بدأ البحث عن مدى مشروعيتها و مخالفتها لدستور.

من الاسباب الاخرى لإعتبار انتشار الفايروس او مخاطره مجرد شائعات قلة عدد الاصابات و الوفيات في الاقليم مقارنة ببقية الدول, متناسين ان للتعليمات و الاجراءات الوقائية المذكورة آنفا دورا فعلا في الحد من انتشار الفايروس و تعافي المصابين بسرعة و الحفاظ على الارواح و كذلك صغر حجم التعداد السكاني في الاقليم مقارنة بالدول الاخرى, مع عدم اغفال ما ذكرته اخر دراسة لجامعة شينجيانغ الصينية بأن الفايروس تطور الى 30 سلالة خلال انتشاره في العالم و اكثرها خطورة تلك التي انتشرت في الصين و اوروبا و نيويورك, و ان نوع سلال الفايروس تؤثر على شدة المرض و هو ما يفسر التفاوت في الاعراض بين المرضى.

فإذا كانت الدول الكبرى عاجزه عن حماية اقتصادها و اوراح مواطنيها من الخسائر التي تجاوزت الالالف فمن العوائل من خسر الاب او الام او الابن او الابنة و حتى المتعافون من الاصابة يعانون من مشاكل صحية نتيجة التلف الذي يسببه الفايروس في انسجة الجهاز التنفسي و غيره, ففي كلمة متلفزة للملكة الزابيث الثانية دعت فيها الى الوحدة في ضل انتشار فايروس كورونا, قالت بأن هذا الوقت العصيب يذكرها بكلمتها للشعب خلال الحرب العالمية الثانية, فماذا سيكون حال الدول ذات الاقتصاد المتوسط او المتدني ... انهيار على جميع المستويات!

في النهاية, نعم خسر العديد وظائفهم او انخفظ مستوى معيشتهم, طال الضرر الذي سببه الفايروس كل شيء تقريبا, لكن على الاقل تم حفظ ارواح مواطنينا, و مع انخفاظ اعداد المصابين بشكل ملحوظ و استمرار تشافي المصابين, هناك وميض امل ان تعود الحياة الى المدن في وقت قريب, طبعا في حال لم تظهر اصابات اخرى خلال الايام القادمة, لكن هذا لا يعني عودة الحياة الى ما كانت عليه قبل الفايروس و كأن شيئا لم يكن, فلا يزال الفايروس موجودا و لم يكتشف لقاح او علاج له بعد, لابد من الاستمرار في اتخاذ الحيطة و الحذر في التعامل بين الناس و الامتثال لتعليمات وزارة الداخلية و وزارة الصحة المتعلقة بالوقاية لكي لا تذهب فترة الحجر الصحي و حضر التجوال الشامل سدى و تؤدي الى انتكاسة صحية بظهور حالات اصابة جديدة و العودة الى نقطة الصفر في التصدي للفيروس... لابد من اخذ العبرة مما مضى.