تطور الفايروسات عبر التاريخ واثرها في تغير خارطة المجتمع البشري
م. جاوان حسين فيض الله الجاف
قسم القانون
جامعة جيهان -أربيل
تعاقبت الازمات والمحن والابتلاءات التي اصيب بها التاريخ البشري عبر جميع مراحل التاريخ ،مثل الطواعين والمجاعات والفيضانات ،حيث قدم المؤرخون واصحاب المدونات التاريخية تلك الاحداث التي عاصروها طوال مسيرتهم التاريخية ، من امثال ابن بطوطة وابن كثير ، لما تركته تلك الاوبئة من اثار كبيرة على مر العصور وانعكاساتها على الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكذلك الاخلاقية وجميع المفاهيم الانسانية ، حيث شهد التاريخ الاسلامي وخلال فترات لاحقة مجموعة من الاوبئة والامراض :-
1- طاعون عمواس 18ه .
2- طاعون الجارف 69ه .
حيث ان جميع المسلمين تحركوا في مواجهة هذه الامراض من منطلق قول رسول الله صلى لله عليه وسلم " اذا سمعتم به بأرض ، فلا تقدموا عليه ، وأذا وقع بأرض ، وانت بها ، فلا تخرجوا فرارا من "
فمن خلال دراسة التاريخ والمرور بالتاريخ البشري على مر الازمان والحضارات العالمية وماعرفتها الانسانية عبر جميع عصورها ، حيث لاقت الامراض والاوبئة تاثيرها المباشر ، حيث يعود هذا الامر الى عام 430ق.م ، من خلال ماعرفت بالتاريخ الانساني باسم (الحرب البيلوبونسية ) بين حلفاء اثينا وحلفاء اسبرطة ، كانت لهذه الاوبئة الاثر الكبير على الحضارات البشرية ، لما لها من اثار سلبية على المجتمع ، وأدت بالتالي الى قتل اعدادا كبيرة من سكان العالم .
أولا: طاعون جستنيان (541-750 ف.م )
كان انتشار هذا الطاعون في جميع أرجاء الامبراطورية البيزنطية في اوربا وافريقيا واسيا خلال الفترة من 541-542 ق.م ، وتشير بعض الادلة التاريخية . ان هذا الطاعون وضع نهاية المطاف الى حكم الامبراطورية البيزنطية ، وان بعض الشواهد التاريخية تذكر بان هذا المرض او الوباء ظهر في بلاد الفراعنة وانتقل عن طريق مزاولة التجارة الى القسطنطينية ، التي كانت مصدرا للحبوب في ذلك الوقت ، وادى على اثره توقف جميع الانشطة التجارية واضعاف الامبراطورية ، لان الامبراطورية البيزنطية كانت تحصل وتستورد جميع المواد الاولية والحبوب من مصر ، وكان العامل الاخر المهم التي ادت الى ظهور مكاسب جديدة لدى بعض الحضارات الاخرى التي كانت في حالة عداء معها في ادزاء من اسيا او شمال افريقيا وكذلك الشرق الاوسط . حيث عرفه التاريخ في ذلك الوقت وما اكدته جميع المصادر اليونانية والرومانية بفترة ( العصور المظلمة ) .
ثانيا : الكارثة السوداء أو الوباء الاسود 1347-1351.
في خضم جميع ماشهدته تاريخ اوربا في العصور الوسطى من فترات ضعف وانحلال ، حيث شهدت الفترة الواقعة مابين عامي 1348-1349 ، حيث كان سرعة هذا الوباء الذي انتشر في جميع انحاء اوربا ، حيث اشارت الاحصائيات وحسب المصادر المتداولة أسفر عن مقتل مابين 20-25 مليون شخص ، حيث اشارت تلك المصادر ان الصين كانت مصدر الوباء ، هذا الامر كانت له تداعيات اقتصادية حيث اثر هذا العمل على البطالة ، وخسرت اراضي زراعية واسعة من قبل الفلاحين ، وساهم بتوقف الحروب في بعض الاوقات ، ووضع حدا للعبودية .
ثالثآ: الجدرُي .
شهدت القارتين الامريكيتين عام 1492، ومن خلال الرحالة الاوربيين الذين ارادوا اكتشاف أراضي جديدة والتي عرفت في المصادر التاريخية ب " حركة الاستكشافات الجغرافية " ، ولو نرجع الى الحقبة التاريخية الى الوراء نرى ان هذا المرض كان الاكثر شيوعا للوفيات الذي تسبب في وفاة اكثر من 35% من المصابين ، ولد هذا الامر والذي ساعده حركة الملاحة البحرية في ذلك الوقت ، الامر الذي ساعد الاوربيين في السيطرة واستعمار المناطق التي شهدت هذا الوباء ، وخير دليل على ذلك المستعمرات الهولندية والفرنسية والبرتغالية ، كانت لهم النية بالسيطرة على العالمين القديم والجديد ، لكن نرى شراهة المستعمر بالسيطرة على العالمين القديم والجديد ، لكن نجد شراهة المستعمر بالسيطرة على جميع الاراضي الخصبة صاحبة المعادن النفيسة .
رابعأ : الكوليرا 1817-1823.
تشير المصادر التاريخية الى ان وباء الكوليرا ظهر الى العلن لاول مرة في الهند في عام 1820، حيث شهدت فترة الاحتلال البريطاني للهند من خلال تحول هذا الوباء للوسيلة الابرز من قبل الدول الامبريالية لسيطرتها على الشعوب الضعيفة ،كانت عدوى الكوليرا ناتج عن ماء وطعام ملوث ، الامر الذي ادى الى ان يلحق الاذى الكبير بالشعوب والبلدان التي تعاني جراء حكم سلطاتها السياسية بالتوزيع الغير العادل للثروات ،حتى وصل الامر الى الطبقة الغنية او الناشئة من اجل تصفية حساباتها مع العمال او الطبقة الكادحة . هذا الوباء امتد لينتشر في كل من لندن والمجر وروسيا وفرنسا ونيويورك والمكسيك واندنوسيا واليابان والصين والفلبين وكوريا . وفي ابان الحرب النمساوية – البروسية عام 1866 أودى بحياة عدد كبير من الجنود في تلك الحرب .
لقد استمرت الكوليرا بتغير ديموغرافية العالم من خلال الحاق الضرر بالمناطق المعدومة حيث انها لاتؤثر على الدول الغنية .
رابعأ:- الانفلونزا الاسبانية (1918-1919)
خلال الحرب العالمية الاولى واشتداد المنافسة الاوربية بين دول الحلفاء ، لتغير الخارطة السياسية حيث ظهرت في اواخر الحرب العالمية الاولى 1918 ، من اشهر الاوبئة التي شهدتها البشرية حيث كانت اضافة جديدة الى الويلات التي كانت تعاني منها الدول الاوربية ، وبالرغم من تدهور الحالة الصحية العامة في اوربا حيث لم تكن لديها الوسائل الخاصة في معالجة هذه الاوبئة ، حيث تشير المصادر التاريخية ان الجنود المشاركين في تلك الحرب كانوا يعيشون في مناطق رطبة وقذرة ،وسوء التغذية التي كانوا يعانون منها ،كان سبب انتشار هذا الفايروس عندما بدأ عودة الجنود من جبهات القتال الى منازلهم كانت اسبانيا هي من اولى الدول التي سجلت فيها حالات الوفاة بهذا الفيروس ، من خلال الرقابة العسكرية المفروضة في الدول الاخرى ، حيث كانت اسبانيا محايدة في تلك الحرب ، ولم تقم بفرض اي رقابة على وسائلها الخاصة حيث كان سرعة هذا الفايروس كبيرة جدا من خلال وصولها الى المانيا والنمسا وفرنسا .
خامسأ"- انفلونزا هونغ كونغ 1968-1970
بعد تفشي الانفلونزا الاسبانية ، ظهر الى العلن اولى الاصابات بهذا المرض في 17 تموز 1968، وكان على ارتباط لصيق بالطاعون او الوباءالاسود ،حيث صنفه المحللون على انه الوباء الثالث في الانفلونزا في القرن العشرين ، حيث انتشر هذا الوباء في شمال استراليا والعند والفلبين وكذلك اوربا الشرقية وجنوب افريقيا والقارة الامريكية . حيث اشالرت المصادر والوثائق الامريكية انه من خلال مشاركة الجنود الامريكان في حربها ضد فيتنام ، نقلوا معهم هذا الفيروس الذي كان السبب الرئيسي لانتشار هذا الفيروس .