الجائحة كوفيد-19 وضرورات التعليم الالكتروني
د. أحمد عبدعون
قسم التربية العامة
جامعة جيهان-اربيل
بلا شك ان العالم يتغير ويتجه نحو منحنيات لم تكن هي السائدة رغم وجودها سابقاُ الا انها لم تكن تحظى بهذا القدر من الاهتمام والتأكيد الذي تتمتع به الان ..
والتعليم الالكتروني ليس طارئا وليس وليد الصدفة على مجمل عملية التعليم والتعلم في العالم لأنه واقع حال يعمل به في الكثير من الدول الغربية والعالم المتطور ذو الأنظمة التعليمية الحديثة والكثير من الجامعات لديهم لا بل وحتى في رياض الأطفال . اما في دول العالم الثالث فلم يكن له نصيبا وافرا من الاهتمام والتقدير بحكم ضعف الإمكانيات الفنية والتقنية والاقتصادية لدول هذه المحور ناهيك عن الثقافات السائدة التي تحبذ على ان يكون التعليم وجها لوجه هو العملة الرائجة ومحور نظامها التعليمي.
ولكن مع ظهور الجائحة (كوفيد-19) وحالة الاغلاق التام وفرض مبدأ التباعد الاجتماعي كوسيلة دفاعية ضد انتشار فايروس كورونا برزت مشكلة المدارس والجامعات واغلاقها الطارئ وهذا سبب ارباكاً واضحا لدي الهيئات الدولية والمحلية. وتداعت الهيئات الدولية لإيجاد الحلول ولم يكن امامهم الا اللجوء الى الأساليب الرقمية في ظل الحجر المنزلي للطلبة وهنا برز التعليم الالكتروني بهيئة المنقذ واصبح البطل الرسمي وشعاراً في هذه المرحلة الحرجة من واقع التعليم المنهك حول العالم..
وقد يكون التعليم الالكتروني هو الراعي الرسمي لإنقاذ التعليم في كوكب الأرض الان وانا لست ضده على العكس من ذلك بل انا من المؤمنين بأهدافه وأساليبه ومن المشجعين له. لكن الباحثين في هذا المجال يعرفون ان الوصول الى الأهداف النهائية للتعليم الالكتروني يحتاج الى بنى تحتية متينة وكوادر مؤهلة مدربة تدريبا جيدا على أساليب وطرق واستراتيجيات التدريس عن بعد والحصول على الالمام بالكفايات التقنية اللازمة لإدارة التعلم وهذا أبضا يتطلب المعرفة التامة بمنصات إدارة التعلم الرقمية المتكاملة وهناك الكثير من التساؤلات منها على سبيل المثال لا الحصر
هل يمكن ان نحقق اندماج التام في برامج التعلم عن بعد الذي يلبي حاجات جميع المتعلمين وخصوصا من ذوي الاعاقات الجسدية والذين يعانون من مشاكل نفسية ؟
هل سوف يتم تامين جهاز حاسوب او هاتف ذكي لكل متعلم لضمان استمراه بالتعليم ؟
هل هناك مصادر ثابتة للكهرباء ؟
هل يوجد مجموعات مهمتها الأساسية تامين التفاعل الإنساني وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتعلمين ؟
هل سوف يتم تحديد المناهج الدراسية الملائمة للتدريس عن بعد ؟
هل سوف يتم تقديم الدعم التقني والرقمي للمتعلمين والمدرسين ؟
هل سوف يتم وضع قواعد لإدارة هذا النوع من التعلم مع إمكانية متابعة المتعلمين وانجازاتهم ؟
هل سوف يتم تحديد المدة الزمنية للدروس الالكترونية وفقا للفئة العمرية للمتعلم ؟
هل يتوفر بث إذاعي وتلفزيوني يمكن ان يساعد في إنجاح هذه المهمة؟
وغيرها الكثير الكثير والقائمة تطول... ورغم ذلك فالتفاؤل هي السمة الغالبة هنا .
لقد فرضت الجائحة كوفيد-19 واقعاً تطلب إجراءات سريعة فيما يخص القطاع التعليمي ولكن التوجه بشكل كامل نحو التعليم الالكتروني بدون الاستعداد له وانا اخص بالذكر هنا الدول التي لم تكن تعمل به أصلا سوف يولد ضغطا على المتعلمين والمدرسين على حد سواء بسبب عدم الاستعداد النفسي لخوض غمار هذه التجربة ومعارضة الكثير من الطلبة وحتى الكادر التدريسي ووضع شتى الحجج والاعذار منها ضعف الانترنيت وعدم توفر الوسائط الرقمية وغيرها من الاعذار ما يطول وصفه هنا.
وخلاصة القول ان العمل بالتعليم الالكتروني هو من الأشياء الجادة والتي فيها من المميزات ما فيها ولكن في الظروف الطبيعية كانت هناك الكثير من المشاكل والمعوقات فكيف الان والعام في حالة الاغلاق التام والطلبة والمدرسين يمرون بمرحلة الحجر المنزلي . بالتأكيد ستكون هناك مشاكل كثيرة وآمل ان يتغلب عليها العاملون في مجال التربية والتعليم لان الهدف الأساسي من التعليم الإلكتروني في هذا الوقت هو المساعدة على الحد من اضطراب التعليم حول العالم ناهيك عن ضمان استمرار التعليم وان يبقى الطالب على تواصل مع مدرسته وجامعته وان لا يفقد الامل في الحصول على تعليم مناسب ولو بالحد الأدنى الذي تسمح فيه ظرف الحجر المنزلي.